قرأت منذ فترة بضعة كتب عن علم الفراسة والتشخيص , منها كتاب للمؤلف ميتشيو كوشي واخر للدكتور غسان جعفر بنفس عنوان الكتاب .
لكل منا حاسة سادسة بلا استثناء بطبيعتنا ككائنات حية , ولكنها تختلف بالدرجات والبيئة وطبيعة الجسد وحال صحة الهالة المحيطة بالانسان الواحد , وكذلك الزمن الذي نعيشه ايضا .
عرف الانسان منذ العصور الاولى الفراسة والحاسة السادسة كحماية له من الاخطار الخارجية , وهذه الميزة بدأت بتدرج تقل وتندر مع الزمن بسبب التطور والحضارة وتأثير اعتمادنا على الاجهزة بقضاء حاجاتنا الحسية كما تقضي وظائفها لحاجاتنا الجسدية . فكما ترى باعماق الغابة كيف يجري القطيع قبل دقايق من حدوث الخطر , وكما تهرب اسراب السمك في اعماق البحار قبل قدوم القرش , وكما تطير اسراب الطيور قبل طلقة الصياد . هكذا كان الانسان منذ زمن قبل فقدانه جزءا كبيرا من حاسته الوقائية .
مايحافظ عليه البشر الان هو جزء بسيط من الفراسة ويمكنه تطويره مع العلم والتدريب , وخاصة الاطفال لديهم هذه الخاصة اقوى بكثير منها عند الكبار , فتراه يستشعر شرا بوجه اشخاص وخيرا بوجه اخرين , من ملامح الوجه وحركات الجسد , وعندما يكبر يبدأ بتمييز شخصية الفرد من حدة ملامحه او انسيابها وطول جسده او قصره وهزاله او سمنته .
في احد الكتابين اللذان ذكرتهما آنفا يستعين الكاتب بتوضيح افكاره الى القارئ , من خلال رسومات توضيحية ومقارنات , يذكر مثلا ( ان المسافة بين الحاجبين هي نتيجة للعادات الغذائية للام اثناء فترة الحمل , وعلى الصعيد الذهني تدل المسافة الضيقة بين الحاجبين على ضيق الافق والعناد والعزم وحدة الانفعال , بينما تنم المسافة الاوسع على التردد وعدم الشعور بالامان وعدم القدرة على اتخاذ القرار والافتقار الى العزم . وقد اعتاد القدماء على تسمية المسافة الواسعة بصورة ملحوظة بين الحاجبين ب " علامة الارملة" او " علامة الفراق " ) (مقتبس) .
وكما يذكر الكاتب ميتشيو كوشي ( ان الانف شديد الارتفاع والطول لدى المرأة ينم عن عدم القدرة على الحمل وميل الى البرودة , بينما ينم الانف شديد القصر والتفلطح لدى الرجل على انخفاض معدل الذكاء والميل نجو العنف الجسدي , وبصفة عامة يدل الانف المرتفع على ميل الى الاعتزاز بالنفس وحب المنافسة والتحيز والتمييز , بينما ينم الانف الاكثر انخفاضا او تفلطحا عن ميل الى الكرم وتقبل الفروق بين الاشخاص ) (مقتبس) .
تتحدث هذه الكتب عامة وذينك الكتابين خاصة عن كيفية التعامل مع الطرف الاخر بثقة بنفسك اكثر منها ثقة بالاخرين , فكثيرا ماننخدع بحلاوة اللسان ولطافة التصرف ونتجاهل اشارات التنبيه التي يبعثها لنا احساسنا الفطري بناءا على خبرتنا البسيطة التي نعتمد عليها بطبيعة الحال .
كم اعشق هذه النوعية من الكتب وكم اشعر بالجوع والنهم لكتاب تحليل اقرؤه , لكني نادرا ما اطبقه , ففي اغلب الاحيان اشعر ان الطرف الاخر كائنا يكون , يستحق دائما فرصة اخرى كي يثبت فيها خطأ حاستي الفطرية بخطره على حياتي .
وغالبا مايثبت ذلك الشخص عدم استحقاقه لذلك !!!
لاتنخدع بلسان لبق , فحاستك هي الاصدق , حاسة وضعها الله خالق البشر وعارف بالبشر كي يحذرك من البشر , خبرتك في الحياة ليست كافية كي تعتمد عليها وحدها مهما طالت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ابــدأه بـسـلام ... واخــتـمـه بـــحـب